Category: التنشئة الاجتماعية

تتميز عملية التنشئة الاجتماعية التقليدية للأبناء، في الإمارات، بارتكازها إلى معين منظومة قيم وأخلاقيات منضوية في مكون التراث والعادات والتقاليد، والتي حظيت بوافر الاهتمام والتركيز الدقيق من قبل الأسر والمجتمع بهيئاته ومنصاته المتنوعة، فبها ضمن الناس صون أصالتهم وقيمهم ومبادئهم وآدابهم، خصوصاً وأن مخزون التراث مثّل منهلاً ثرياً وجوهرياً في الصدد، ذلك بما يضمه من مبادئ وأنماط حياتية قويمة محصنة بالعفة والأدب والتمسك بالمحبة والخير وخدمة الصالح العام والتكافل الاجتماعي والالتزام بالآداب العامة، إذ يحرص الأهل على ترسيخها في نفوس وعقول أطفالهم منذ البدء، ويعوّدونهم على جعلها نبراساً وشعاراً ثابتاً في مسارات حياتهم، بحيث تصبح جزءاً من شخصية كل طفل ويتعامل مع أقرانه في المجتمع في ضوئها وطبقاً لمعاييرها. هكذا إذاً نجد أن التراث بجواهره وقيمه وأخلاقياته، مثل ويمثل، عماد التنشئة المجتمعية في مجتمع الإمارات العربي. وهنا فإن التنشئة الاجتماعية تؤدي وظيفتين محوريتين، الأولى وظيفة ظاهرة وسلوكية ملموسة، ألا وهي تدريب الطفل على حب الخير والتهذيب وأداء سلوكيات قويمة نبيلة يرضى عنها المجتمع ذلك بحيث يلتزم ويقتدي بها طوال حياته. وأما معيارية فهي باطنية عميقة تتمثل في ربط أعضاء المجتمع بالبناء الاجتماعي، بمعنى تعميق الشعور بالانتماء للمجتمع والاهتمام بمصالحه والسعي لتحقيق مصالحه وسعادته وأمنه. ولا بد من الإشارة هنا إلى أن مفردات التراث بمخرجاتها المحركة لمسارات عملية التربية والتنشئة الاجتماعية للأفراد، تعمل على إعداد كل منهم لأداء الأدوار الاجتماعية المختلفة التي يحتاجها المجتمع منه.. بحيث يلتزم بنهج الغيرية والإسهام بالمسؤوليات العامة. بناءً على هذه الحقائق، يتضح لنا أن التراث بما ينطوي عليه من قيم وفوائد تربوية مجتمعية، يشكل عماد التنشئة الاجتماعية الصحيحة المتسمة بملامح الأصالة، وكذا ضمانة لخير وتكافل وترابط المجتمع، وبهذا فإنه بمثابة مؤسسة ومنظومة قيمية وأخلاقية فاعلة إلى أبعد الحدود لا تضاهيها أو تنافسها أية مؤسسات عصرية في جدواها وفاعليتها على صعيد الفوائد والإيجابيات التي تنطوي عليها في شأن الصالح العام.. وهذا بالتأكيد أهم وأكبر حافز يجدر أن يدفعنا، شباباً ومن مختلف الأعمار، إلى أن نتمسك بمضامين هذا التراث الإماراتي العظيم، وأن نجعله حاضراً وفاعلاً ومتجدداً، بحيث نبث فيه نبض العصرنة ليكون جزءاً من طقوس ومكونات حياتنا اليومية في الوقت الراهن.

Not found any post
0 / 0 POSTS